{

ميلاد جيل تعليمي جديد

ميلاد جيل تعليمي جديد

  • مشاركة المقال :

ميلاد جيل تعليمي جديد

من أروع لحظات الإنسان أن يحضر ويعيش لحظات نجاح أبنائه ويرى نتاج عمله ويقطف ثمارها وهو على قيد الحياة ويترك بعدها " علم ينتفع به وولد صالح يدعو له .."

 

كم هو جميل أن يهب لي الله عمرا لأعيش مثل هذه اللحظات مع طلبتي الأعزاء..

 

كانت لحظات تاريخية لن تنسى ولن تمحى من ذاكرتي..

 

كيف لا أصفها بالتاريخية وهي شملت جميع شروط الإبداع والإمتاع والإقناع..

 

في حصة لطلبة الرابعة متوسط فرع الإحسان في الرياضيات.. تمكنت الطالبات من جمع جميع شروط نجاح الدر س من كفاءات وإبداع وإخراج وعرض..

 

كان عنوان الدرس " الهندسة في الفضاء "..والذي كان اسم على مسمى..

 

لقد فكرت الطالبات خارج الكرة الأرضية وليس خارج الصندوق ليجدن حلولا وإبداعات لإيصال الفكرة والكفاءات لزملائهم الطلبة..

 

أول إبداع كان عندما توجهنا بعد طابور الصباح إلى القسم لنجد كتابة في السبورة فحواها: " لديكم رحلة وليس درس..."

 

بعد قراءتنا الإعلان الذي يطلبنا بالتوجه إلى دهليز المؤسسة ..أين استقبلتنا الطالبات في جو وديكور باهرين..

 

ديكور مكوك فضائي رائع وأضواء خافتة ومتلألئة تحس عند دخولك القاعة عفوا المركبة كأنك حقا مسافرا إلى الفضاء..

 

بعد ترحيب الطالبات بنا ( الأستاذ والطلبة وضيفينا : المدير التنفيذي لمركب الإحسان ونائب المدير الفني للمؤسسة)، شرحن لنا هدف الرحلة ومدتها وشروط السفر التي يجب التقيد بها لسلامتنا وأمننا..

 

تم تقسيم  الطلبة إلى فوجين بعدما جهزن مكان لجلوسهم بكراسي وطاولات وسبورات وضع فوقها كرات ومجسمات لها علاقة بدرسهن..

 

بعد ذلك قسمت الطالبات العارضات للدرس أنفسهن عى فوجين كل فوج يشرح الدرس إلى الفوجين الآخرين بطرق إبداعية باستعمال كل الوسائل المتاحة: السبورة ، الكتاب المدرسي، المجسمات، الداتاشو،....إلخ.

 

دون أن أنسى الفواصل الترفيهية بين الفينة والأخرى للترفيه عن النفس ( ألعاب ، ألغاز رياضية،...) مثل ما عهده طلبتي معي في حصصي التدريسية.

 

وكل ما شرحن كفاءة إلا وقدمن تمرينا واسئلة للطلبة لمعرفة مدى استيعاب الكفاءة وينقطوا عليها على شكل مسابقة بين الأفواج.

 

تتمة لذلك وزعت الطالبات  مطويات ملخصة للدرس وسلسلة تمارين لإنجازها في المنزل..

 

بعدها قدمت الطالبات عرضا دراميا رائعا يلخص كفاءات الدرس واستعمالها في الحياة اليومية ، لاقى إعجاب الجميع.

 

ثم عرضت الطالبات المجلة الملخصة للدرس  لتلصق في القسم للمذاكرة اليومية حيث كانت تحفة وبلمسات إبداعية فضائية.

 

أهم ما أثر فينا تلك اللحظات الحاسمة التي قيم فيها الجميع عرض الطالبات مثل كل حصة من حصصنا ، حيث اتفقت جميع الأفواج وكذا الأستاذ على تقديم العلامة الكاملة للعرض لأنه شمل جميع  النواحي المطلوبة. إذ أتى طالبا إلي قائلا: " لقد اتفقت الأفواج جميعها يا أستاذ على حسب ما أظن ونحن نبحث عن العبارة اللائقة التي نشكر بها الفوج العارض للدرس." وهذه شهادة حقيقية عن مدى تأثر الطلبة بالقيمة العالية للعرض.

 

بعد ذلك تم تكريم جميع الأفواج المشاركة في الدرس من طرف الأستاذ بشهادات رمزية وبهدايا للأفواج الفائزة في المسابقة.

 

والمفاجأة الكبيرة عندما تقدمت طالبة إلى المنصة لتلقي كلمة باسم طلبة الرابعة متوسط: شكرن فيها الأستاذ على المجهودات المبذولة طوال السنة وعلى الطرق الإبداعية الجديدة لتدريس المادة وتحبيبها للطلبة ، إذ اشرن إلى أن صدى هذه الطريقة وصل دون قصد إلى المواد الأخرى فأصبح الطلبة يقلدون هذه الطريقة في إعداد وتقديم دروسهم في جميع المواد لنجاعتها وتأثرهم بها....وكل هذا على مسامع نشيد  "يا معلمي " الذي زاد الجو تأثيرا علي فلم أتمالك نفسي إلا ووجدت نفسي أتسلم شهادة تكريمية من الطلبة بيد يمنى واليسرى أكفكف بها عبرات حارة على وجنتي ..

 

عبرات صادقة أحسست بحرارتها وبالمسؤولية الملقاة على عاتقنا كمعلمين وتربوين..

 

 فلنحذر عن كل ما يصدر منا في القسم وخارجه  كأساتذة ومربين من:  كلمات وعبارات وأفعال واقوال ..كلها تسجل في ذاكرة طلبتنا ويعيدون صياغتها ويخرجونها بمخرجات جديدة متى شاؤوا وكيفما أرادوا...هذا ما لاحظته من طرح الطالبات للدرس وطريقة إلقائهن ومعاملتهن للطلبة والأفكار الإبداعية وطريقة إخراج وعرض الدرس....كله مأخوذ من الأصل ولكن بلمسات إبداعية حقيقية نادرة.

 

عبرات أعلنت عن ميلاد عهد جديد نترك فيه  المشعل للجيل الحالي الذي فهم وتشبع بأهمية التعليم وبدوره في الحياة وبالمسؤولية الملقاة على عاتقه..

 

أصبح لا يتكل على الأستاذ في تقديم وشرح وفهم الدرس..بل أصبح مبادرا مكملا لدور الأستاذ.

 

جيل يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ويعرف كيف يرد جميل من أحسن إليه...

 

جيل طبق حقا معنى الحكمة : "من علمني حرفا صرت له عبدا.."

 

جيل وجيل وجيل ..أجيال وراء أجيال ....تختصر مسافة الأميال....بعيدة عن القيل والقال..لا تؤمن بكلمة محال .. كل شيء عندها سهل المنال ...هذا جوابي على السؤال..         " هل التعليم فقط لجمع  الأموال؟؟ "

0 تعليقات:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
الحقول المطلوبة محددة *