{

ليسقط الجلاد

ليسقط الجلاد

  • مشاركة المقال :

ليسقط الجلاد

سنواصل في تعذيب أنفسنا، في طمس قدراتنا، في قتل الأمل فينا،

 

في جعل التعليم جحيما لابد منه، من أجل افتكاك لقمة العيش المريرة مستقبلا.

 

سنُبقي الغد أسودا في كل الأحوال لأنه اللون الوحيد الذي نشأنا فيه،

 

فنحن نعرفه وهو يعرفنا. مثلما نشأنا وكما تربينا سننشئ ونربي.

 

من نحن حتى نخرق السائد ! من نكون حتى نبدع أحسن مما كان !

 

من خوّل لنا أن نسلك طريقا غير الّذي يسلكه الجميع !

 

من نحن حتى نلغي ونؤسس، ننقد ونبني، نبدع ونفكر... !

 

هذا شعار كل مُعَذِّب وجلاد لأجيال هذه الأمة المباركة.

 

نعم.. إن كل من يتلفظ قائلا من نحن حتى ! هو جلاد شعر بذلك أم لم يشعر.

 

لأنّه يقطع سبل الابداع وإعادة التفكير في الأمور من حوله. ويُحمّل الأجيال اجتهادات مستهلكة بالية،

 

كانت صالحة لزمنه –ربما- أو لأزمنة غابرة، لكنّها لم تعد كذلك للزمن الحالي،

 

وهو بهذه الغلطة يسقيهم أفكارا ميتة فيسمّمهم ويقضي عليهم.

 

ورحم الله الفاروق حين قال: "ربوا أبناءكم لزمن غير زمانكم"

 

سيمضي الزمن وتتغير المعطيات كليّة وبسرعة فائقة،

 

لكن الجلاد سيبقى يناضل من أجل أن يذيق معذَّبِيه ما ذاق هو أيضا على يد جلاديه،

 

وغالبا يكون على علم أن ما يُذيقه مرّ غير مستساغ، فهو قد ذاقه أيضا.

 

لكن هيهات لجلاد أن يتواضع للحرية والتجديد.

 

سيتسابق الكثير منا إلى نفي هذه الصفة فيه ويقول: "الحمد لله لست كذلك،

 

فأنا أريد أن أبنيّ من جديد جيل التمكين" لكني أقول مهلا.. لا تظنوا أن شخصية الجلاد منحصرة في بعض الأشخاص فقط !

 

وأنه متى تحدثنا عن الابداع والتجديد نكون قد نجونا ! بل هي تركيبة موجودة في كلّ واحد منا.

 

تصارعه في كل لحظة، ومتى سيطر على أحدنا شعور، "من نحن حتى !" يغلِب الجلاد ويظهر. 

 

إنّ شخصية الجلاد ليست أصلية فينا، بل هي قناع يظهر حين يتعطّل العقل أو يتحجر القلب.

 

فلا نرى فيما بين أيدينا من أحلام البراعم إلا صورا نمطية نحاول بكل قسوة تكرارها فيهم،

 

وحرمانهم من ولوج أفاق جديدة. لأن تعطل العقل يوقف تدفقات الإبداع ويجعل من إبداعات الماضي مقدسات الحاضر.

 

وتحجر القلب يمنع من سماع أنين المعذبين، وإن سمعها فلا يعير لها اهتماما ويعتبرها أصواتا همجية تريد الخروج عن القطيع المتجه إلى المسلخ. 

 

 إن الجلاد يحطّم كل أمل فينا، ويجعل بلوغ المستقبل الجديد أمرا مستحيلا بترسانة الماضي.

 

فلا نتقدم خطوة إلا ونعود خطوات إلى الوراء. وقد آن الأوان لنتتبع ألاعيب هذا المصاص لأحلامنا المستقبلية.

 

ونكشف شخصياته التنكرية. ونقعد له كل مرصد حتى إذا ظهر نحرقه بأصواتنا العالية " ليسقط الجلاد فينا".

 

0 تعليقات:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
الحقول المطلوبة محددة *