كلمة لحفل الختام باسم طاقم تاونزة العلمية

 

يوم: الأحد 15 جوان 2014 م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سبحان من سبحت له الأطيار، والحمد لمن حمدت الخلائق أفضاله ليل نهار .. والصّلاة والسلام على سيد الأخيار، سيدنا محمد وعلى آله وصحابته الأطهار .

 

سعيدون جدّا نحن أفراد الطاقم التربوي برؤية البسمة تعود إلى ربوع مدرستنا، سعيدون جدا للالتقاء مرّة أخرى في أحضان مدرستنا الغالية تاونزة في هذا الحفل البهيج . / وبهذه المناسبة السّعيدة طلب منّي تقديمُ كلمة  فاستجمعت مفرداتي و حبست دمعاتي لأقول كلماتٍ معدوداتٍ بالمناسبة، ألخّص فها مشوار سنة دراسيّة، أنوب بها عن إدارة وطاقم المدرسة وعلى رأسها المدير العام ياسين بن قاسم سليمان بوعصبانة، فتحيتي إليكم أيها الحضور الكريم تحية أهل الجنة، وهي السلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

ها هي مركبة تاونزة تحطّ الرّحال في آخر محطة، في حفل الجوائز، بعد أن شقّت طوال هذا العام طريقها الوعرة بكلّ ثبات ورباطة جأش والحمد لله بعد أن تجاوزت العقبات، وتفادت العثرات بكل جدارة، والتقطت كلّ حجر أرسل ليصيب كيانها  أو ليسد طريقها و ليعيق مسيرها، التقطته لتبني بها طريقا آخر أليقُ للمسير، و أداة لتيسير كل عسير،  ولترسي أيضا وبتلك الأحجار أساساتٍ متينةً في طريق بناء جيل التمكين ./  رغم كل الاهتزازات، وبفضل جميع التضحيات انبلجت بإذن الله عُتمَة الظّلام فحلّ النور والضياء بربوعنا والقادم أحلى وأروع إن شاء الله،

 

حقيقة تضحيات جسام تلك التي قدمها في هذه السنة أبناؤنا وأولياؤنا الكرام – وليسوا بالعدد القليل – فرغم أن تلاميذنا رُحِّلوا  وشُتِّتوا و أحرقت ديار كثير منهم ولم يعرفوا للاستقرار طعما، رغم ذلك جاهدوا و أيقنوا أن الحل في تعلمهم فترى الواحد منهم يجري هروبا من هول ما يراه ولا يفكر سوى في محفظته و أدواته قائلا أماه أمّاه لن أرحل حتى أُحصِّل كتبي وكراريسي بل ومحفظتي وجميعَ أدواتي وبعدها ليحرق كلُّ شيء، نعم هي عقيدة سكنت ألباب الصّغار قبل الكبار فهيهات هيهات أن يَحدّنا الدمار أو أن يتحطم فينا الإصرار، فتحية قوية منكم أريدها لكل هؤلاء الذين ذكرتهم،

 

 وتستمر التّضحيات رغم كلّ الظّروف مع أولياء غلّقت متاجرهم وقُطِعت أرزاقهم فلم يكترثوا لذلك بل عملوا بكل ما أوتوا من قوّة على الاستثمار في أبنائهم، بل والله بلغت القوة عند بعضهم أن اعتذروا عن التأخر  في دفع ما عليهم من ندر في طريق بناء الصّرح الجديد  ووعدوا بدفعه كلما جمعوا دريهماتٍ رغم أن عذرهم لا يخفى على ذي لب، و بهذا أثبتوا أن أولوية تعليم أبنائهم عندهم عقيدة وهي من أولى الأولويات .

 

وهذا ولي آخر حين أغلقت جبهته التجارية عنوة فأوجد لنفسه تجارة من نوع آخر تجارةٌ بإذن الله لن تبور، فالخمول والسكون عنده فقط لأصحاب القبور، فأضحى صاحبنا مرافقا للتلاميذ في الحافلات، منظما للرحلات، مؤطرا في المخيمات معدا للوجبات، ملبيا لجميع الطلبات حتى قبل أن تطلب، غير راج منا لا جزاء ولا شكورا لذا ما دمنا نملك أمثال هؤلاء، نقول هيهات هيهات أن يحدنا الدمار، أو أن يتحطم فينا الإصرار، فتحية لكل هؤلاء الأولياء .

 

واستمرت التضحيات في هذا العام أيضا عند معلماتنا ومعلمينا الأخيار، وفَتَنَت الفِتنَةُ معدنهم فوجدته ذهبا خالصًا صافيا لم يخالطه شوائب الأنانية و المصلحة الشخصية، -ولا نزكي على الله أحدا – فحين فطمنا عن أمنا ( مقر المتوسطة ) ورحلنا عنها إلى مقر آخر جاهدوا ورابطوا وصبَروا وصابروا، فليس من السّهل أن تقطع في اليوم الواحد كلومترات متنقلا بين الفرعين، وليس من السهل أن تُضاعَف ساعاتك و تَتَعدّد مستويات إشرافك، ولا أن يحول مقرُّ سكناك، وأن تَتغيّر ظروف تدريسك وتقلّ الإمكانيات والوسائل المتاحة لك،

 

و في ظل كلّ هذه الظّروف تَدَنَّى مستوى الماديات، وارتفع مستوى الرّوحانيات والمعنويات، ولم ينخفض مستوى الأداء بل وارتفع لدى جنودنا والدّليل ما كان من الأنشطة في الفصل الثالث، حيوا معي وبقوة مرابطوا مدرستنا من المعلمين والمعلمات، وعن المرشدين ووقوفهم مع الحالات الصعبة أثناء الأزمة وعن عمال الصّيانة في الكواليس وعن جهدهم لا تسأل، ولا ننسى حرص جل السائقين جزاهم الله خيرا، بوجود أمثال هؤلاء أقول هيهات هيهات أن يحدنا الدمار أو أن يتحطم فينا الإصرار، فالنقل لهم بصوت واحد يهتز له الكون ...جزاكم الله خيرا .

 

أحبائي تلفتوا يمينا وشمالا واستشعروا نعم الله " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " نعمة التفوق والعطاء رغم كل الظّروف، نجاح ونتائج مشرفة في شهادة التعليم الابتدائي، نتائج ستثلج الصّدور في شهادة التّعليم المتوسط بإذن الله، أمال ستعقب آلاما،  ولنجعل نصب اعيننا ما حدث لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين انقطع عنه الوحي لستة أشهر ( وهي تقريبا نفس المدة التي تعاني فيه بلدتنا ) حينها حزن الرسول صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا، لكن الله شاء بعد طول مدة أن يبشره بخمس بشارات تحمل من التفاؤل الكثير " والضحى، والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى، وللآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى " صدق الله العظيم . و لله ذر الشاعر حين قال : ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.... فرجت وكنت أظنها لا تفرج 

 

 فبثوا الأمل في أبنائنا، وابعدوهم عن السّلبية والتّشاؤم وأبشروا بعام قادم كلّه تفوق ونجاح و سعادة وانشراح، عام ينقسم فيه جسم المدرسة إلى شطرين، لكنهما بروح واحدة، أبشروا بثانوية متميزة، ترسي القواعد من أجل نتائج مبهرة في شهادة الباكالوريا، احرصوا على المحافظة على القيم التي غرست لدى أبنائنا في المدرسة و التي ولدت من رحم المعاناة، اعملوا بجد على أن يمضي أبناؤنا عطلتهم في نشاط واجتهاد،  مطبقين ما سطرت المدرسة في برنامج " صيفي فرصتي " وفي نادي الروبوت، و اعملوا على أن يعززوا مكتسباتهم بالمطالعة،  و خاصة شجعوهم على قراءة القرآن وحفظه والمداومة على ذلك،

 

يدا بيد نكون أفضل يدا بيد نكون أقوى ومعا بإذن الله ناجحون دينا ودنيا . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .