بين :رذاذ المطر..وجسر الخطر
كعادتي هذه الأيام- بسبب تعطل دراجتي النارية - أنتقل مع تلاميذ المتوسطة في حافلتهم صباحا ،
ولأول مرة تخونني ذاكرتي بطفرة الحفظ، لأن النسيان من عاداتها....- ذاكرة ضعيقة جدا – حيث حفظت مواقع صعود التلاميذ وأسمائهم،
قبيل وصولنا إلى موقف يصعد منه تلميذين من تلاميذ التحضيري، وتحت رذاذ المطر الذي بدأ لتوّهه في السقوط بعد إعلانات وبلاغات مدوّية ومحذّرة لنشرات الأحوال الجوية...
تفاجأت لعدم وجود تلميذين في موقفهما المعتاد، ووجدت بدلهما امرأة بحائك أبيض، وفي رمشة عين أخرجت من تحت جناحيي حائكها التلميذين....
يا لهول ما رأيت ، فرغم كل ما سمعت وقرأت وشاهدت عن برّ الوالدين لم أتأثر مثلما تأثرت في تلك اللحظات..
حقا: الجنّة تحت أقدام الأمهات.....
واخفض لهما جناح الذّلّ من الرحمة ، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا... هذا عن المشهد الأول: تحت رذاذ المطر
فبعد أن واصلت الحافلة سيرها متوجهة إلى المتوسطة، غير بعيد عن المشهد الأول، وتحت قنطرة – جسر المحطة –
يخال الراكب عند وصوله إلى هذا المكان أنه قد تخطى الحدود الجنوبية لدولتنا بدونتأشيرة ( فيزا)ولا جواز سفر...
عن اليمين والشمال أكوام من الألبسة البالية، تفترشها أسر في جو بائس بأتم معنى الكلمة ،
أطفال نصف عراة، مياه الصرف الصحي على سطح الأرض، المياه راكدة يستعملونها لغسيلهم وقضاء حوائجهم ..وحتى ربما لشربهم....
هنا أيضا دمعت عيني : ما ذنب هؤلاء الفتية الذين ءامنوا بربهم....؟؟؟
ما دخلهم في الحروب والفتن التي تقام هنا وهناك؟؟
كيف يكون مآلهم في هذا الزمن الذي لا يرحم..؟؟؟
إذن بين المشهدين القريبين زمانيا ومكانيا عن بعضهما ..إلا أنهما بعيدان بعد السماء عن الأرض روحيا وإنسانيا.
في الأول التلميذان يعيشان في سلم وأمان تحت ظل والديهما وعائلتيهما..فأم أحدهما رافقتهما وودعتهما في الموقف بعد أن كانت مظلة لهما بحائكها لحمايتهما من المطر ،
كما كانت دائما الأم مظلة لأبنائها تحميهم من المخاطر..
وبين من هو بعيد عن أهله ووطنه بمئات الكيلومترات إن لم نقل الآلاف ، ويعيش في بؤس وشقاء بأدنى شروط العيش الكريمة في ظروف غير إنسانية....
هل تجردنا من إنسانياتنا كبشر ؟؟؟
هل قست قلوبنا وأصبحت حجر؟؟؟
إخوانناالضعفاء تحت المطر؟؟؟
ونحن نطيل إليهم النظر
سيأتي يوم إلى ربنا المستقر
حينها لا يكون هناك أيّ مفر
السلام عليكم
غرداية في : 24/04/2013
0 تعليقات:
أضف تعليق