المدرسة والثورة
على إيقاع العام الجديد صغتُ الكلمات،
وسبكتُ الجمل والمعاني والعبارات،
فسكبت لأجل ذلك مهجتي والعبرات؛
فانبرت الآمالُ تسابق الخلد، وتهدي للحياة عبيرا سرمديا؛
مِن نور الإيمان ارتوت جذورُه،
وفي واحة الطمأنينة ترعرعت أغصانه...
ثم غنَّاها الزمن أغنيةً للخلود، واستقبلها المكان غضَّة طرية؛
تحكي أعذب الألحان، وتروي أروع الأشجان...
يقول أحمد رامي، واصفا طالبنا وتلميذنا المفدَّى:
مشـرقٌ كالضحى مع الصـبح في إهـاب من الشباب النـادي
يطلب العلـم في معاهده الغُر ر، ويروي مـن نجــعة الوُرَّاد
من معاهدنا ومدارسنا نعلن للعالمين "ثورة جديدة"، ثورة "من نوع جديد"؛ هي في تقديرنا أمُّ الثورات، وأصل الاحتجاجات، وقلب الحركات...
إنها"ثورة التربية والتعليم"؛ هذه التي لا يقدر عليها أكثر الناس، ولا يصبر على لفحها جلُّ الناس؛ فبينما يراها البعض بعيدة نراها نحن قريبة؛
وفيما يعتقد الكثيرون أنَّها مجرَّد فعل ووظيف وعمل وروتين، نحن نرى فيها سرَّ الحضارات وسبب التمكين والاستخلاف والانتصارات؛ هي وحدها صمَّام الأمان لأمَّتنا ووطننا، وهي – لا غيرُها – المؤذِنة بمستقبل سعيد، وبعمر للوطن مديد، وبعهد بين العهود جديد...!
فهل وعينا؟ وهل أدركنا؟ وهل امتثلنا؟ وهل رضينا؟
لكن، لكلِّ كلمة تمثل في الواقع، ولكل معنى صورة في الزمان، ولكلِّ مفهوم تشكُّل في الحياة؛ ولذا كان لزاما علينا أن لا نقول هذه العبارات لمجرَّد صفِّ الكلمات، ولا لمجرَّد القول المنمَّق أدبيًّا؛ فلسنا هنا من زمرة الخطباء،
ولسنا ممَّن يبيع الكلام بالكيلوغرامات وبالمترات؛ وإنما الواجب علينا، وهو ما يحاوله كل واحد منَّا، أن نبدأ بالفعل قبل القول،
وأن نشرع بالعمل قبل الفكر؛ فاخترنا المدرسة ميدانا للجهاد، وآثرنا القسم كتيبة في جيش التحرير؛
ورأينا في التلميذ الجنديَّ الصادق الصدوق، الذي يصنع للأمَّة – بحول الله – عزَّها وعزًّتها، ويبني للوطن – بإذن الله – مجده وكرامته.
تصوروا ثورة في الشارع لا تسندها مدرسةٌ وجامعةٌ تخرِّج الإطارات والبدائل والقيادات؟!، لا شكَّ أنها ستأكل نفسها، وستنقلب على منطلقاتها، وستكفر – بعد أمدٍ – بقيَمها.
ومن أجل هذه الحقيقة العميقة قلنا ونقول: ليس للحضارة باب إلا باب المدرسة.
ومن أجل هذه المعاني يخاطب أحمد رامي طالبنا وتلميذنا المغوار، فيقول:
أيها الطالب الطموح الى المجـ د تقـــدَّم, دنيــاك دار الجهــاد
وتمعن فيما أفاض ألــو الألبـــا ب مـن حكمــة ومـن إرشـــاد
وانظر السابقين في حلبة المجـ د وطـــوف بكعبـــة القصـــاد
قـــد عـقدنا عليك كـل الأمـاني منذ نــادى البشيـــر بالميـــلاد
نعَم، عقدنا عليك العزم فلا تخيِّب ظنَّنا، ووضعنا فيك كلَّ أملنا فلا تردَّنا خائبين، وإنَّا لنرنوا إليك مستبشرين مهللين، وننظرُك حامدين شاكرين؛
وكل دعائنا "أن وفِّقه اللهمَّ في سبيل العلم، ويسِّر له يا ربِّ سبيل العمل؛ وابعث منه صلاح الدين، وأرسل منها أمثال عائشة أم المؤمنين، آمين آمين آمين".
تحيةً للمدارس العلمية، ولغيرها من مدارس وطننا العزيز.
وتحية أخرى للخلائف، ولجميع طلبة العلم الصادقين، في بلاد الإسلام.
وتحية ثالثة إلى كلِّ أب وأمٍّ، وإلى كلّ معلم ومعلمة، يهفو بالدعاء لربِّ الجلال: "ربِّ اوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي. إني تبت إليك وإني من المسلمين".
-------------------------
**نشر المقال قبل ثلاث سنوات، بتاريخ 14 سبتمبر 2011م. وكان عنوانه "الطالب والثورة"، فعدِّل؛ لأنَّ دلالة "الطالب" قد تنصرف إلى معاني غير "طالب العلم". المصدر : www.veecos.net
0 تعليقات:
أضف تعليق