أستاذ أصبح تلميذا
السلام عليكم أحبتي في الله:
كلما التقيت بأحد أساتذتي الذين درّسوني في أيام الصّبا، مرّت عليّ كلمح البصر تلك اللحظات التي عشتها معهم في الغرفة الصفية بحلوها ومرّها، ويومها كنت أقول في نفسي تخيل نفسك مكان هذا الأستاذ ما كنت صانعاً؟
أصارحكم القول فقد مرّت عليّ لحظات عصيبة مع بعض الأساتذة فربما وصل بالبعض منهم أن يغضب غضباً شديدًا من تصرفات بعض المراهقين حتى ترى عينه تحمرّ وتكاد تدمع، يتفنّن في أنواع العقاب وأنواع الشتائم، يحبّ بعض الطلبة ويتغاضى عن زلاتهم ويقف موقفا حازما صارماً مع الآخرين، يضربهم لأتفه الأسباب لا لشيء إلا لأنه ربما قيل له من الإدارة أو من زميل مثله أن ذلك التلميذ مشاغب فوضويّ احذر منه.
ولكن هل ينتهي المشكل عند هذا الحد ؟؟، كلاّ ففي الحصة الموالية يتكرر نفس الموقف، فربما وصل الحال به أن يُخرج نصف القسم حتى يتسنى له شرح الدرس، أو يتذمّر من وظيفة التعليم ويترك القسم ويخرج ذاهباً إلى المراقبة شاكياً، فلا يلبث المراقب أن يعوّضه في القسم لا ليشرح الدرس ولكن ليوبّخ ويهدّد الجميع، الصالح والطالح، ولكن وما ذنب التلميذ المجدّ المهتمّ، طبعاً يصيبه الغمّ.
فأقول في نفسي مسكين هذا الأستاذ، متى يُعرف له حقّه من التلاميذ ومن المجتمع ومن ....
فأعود وأقول ربّما هو كذلك قد جنى على نفسه، اُنظر ذلك الأستاذ الفلاني الكلّ يحبّه ويجلّه طلبته يتهافتون إليه داخل الحصة وخارجها؟ فكنت كأي واحد منهم أتمنى أن تصل حصّته، أتساءل لماذا يا ترى؟ فأجد الجواب وبكل بساطة لأنّه متواضع، مبدع، يبادل طلبته الحبّ بالحبّ، يساعد الضّعيف منهم، ويشجّع المجتهد، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، يشركهم في القسم وفي الدّرس، يستمع لانشغالاتهم ومشاكلهم داخل المدرسة وخارجها ويحاول أن يجد لها حلاّ، بربّكم كيف لا يجد مثل هذا الأستاذ احتراما وتقديراً وحبّا من طلبته ومن أوليائهم.
وتمرّ الأيام والسّنون لأجد نفسي وقد قادتني الأقدار لأقف أمام طلبة في قسم لأشرح الدّرس، فماذا أنا صانع؟ هل أكون مثل الأستاذ الأول أم الثاني؟ أكيد الكلّ يشاطرني الرّأي ويجيب على الفور " الثاني " فأقول لهم مهلاً فقد تغيّر الزّمن وتغيّر الطلبة فما صاروا مثل الماضي، " ربّوا أبناءكم لزمان غير زمانكم " فلا يكفي أن تقلّد فلانا أو علاّن ولكن أبدع وكن أنت لا غيرك،
فلأترك للأيام وللطلبة أنفسهم الحكم والتقييم، وليضعوني في الموضع الذي يشاؤون، فأنا أؤمن أنّ التعليم ليس مصنعاً للقالب، ولكنّك يا أخي الأستاذ تتعامل مع أنفس وطبائع ومشاعر وأحاسيس وأذواق ....
تحية تقدير لك أخي نور الدين على مشاعرك وأحاسيسك، فإنك والله بمقالك هذا ترسخ ما آمنت به ولازلت، وهو ما أسميته بمنظونة الحب ، تلك الخلطة السحرية التي تصهر كل الشخصيات حتى الحادة منها، فتجعل صاحب المتعامل بها - المنظومة - يستعبد القلوب ويطوعها كيفما شاء، بلا جهد منه كبير، إلا ذلك الحب الذي يوزعه حوله بسخاء كبير، فلنزرع بيننا إخوتي وأحبتي الحب والتسامح والعطف والرحمة و... و... وستجدون عالما بديعا ملائكيا يتسامى عن كل الصغائر ويسبح في فضاءات الأنوار والطمأنينة.
نعم أستاذ هي الحياة دول فبالأمس كنت التلميذ واليوم أنت الأستاذ ما جعلك تحب أستاذك البارحة هو ما يجعل تلاميذك يحبونك اليوم. وأوافق أخي محمد على ما أسماه بمنظومة الحب التي علينا إشاعاتها من أجل حاضر ومستقبل كله طمأنينة
أخي نورالدين بوركت وجوزيت على هذا المقال الرائع عرفت فالزم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى، بارك الله فيك أخي نورالدين على هذا الإبداع الرائع، لم أكن أعرفك بهذا الأسلوب الجيّد، ننتظر منك المزيد إن شاء الله.
جزاك الله خيرا أخي نور الدين على المقال الرائع و التحليل المنطقي للظاهرة بين الماضي و الحاضر و المستقبل...فكان لابد لنا أن نقول للمجاهدين و المرابطين من الإخوان أمثالكم أن التعليم فن و علم فلابد من إتقانه للوصول إلى متعة التربية و التعليم..
جزاك الله الف خير يا أستاذنا الفاضل على هذه الخاطرة فهي بديعة متقنة في اانتقاء أعذب الكلمات و هي لا تقدر باي وصف