مسؤولية التربية ومشكلات الطفل النفسية
إن مسؤولية التربية مسؤلية عظيمة، وتقع على الأبوين معا، فمن الآباء من لا يريد القيام بأي نوع من رعاية الطفل عندما يعود متعبا من العمل في المساء، والحقيقة أن الأم التي تعمل طوال النهار في رعاية أولادها هي أيضا متعبة، وتحتاج إلى شيئ من تفهم ذلك الأب كثيرا، فأخده لولده من يد أمه يحقق أهدافا كثيرة، في تعامله مع ولده وزوجته، ولا ينبغي للأم ان لا تسمح للأب بمساعدتها في تربية الطفل فحسب، بل عليها أن تحثه على ذلك، وتهيء له الأسباب. ولا ينبغي أن تعتمد على الأب في تهديد ولدها و عقابه، فيصبح الأب -كما يقول المربيون- : "في نظر ابنه كالشرطي للمجرم لا صلة بينهما إلا عند الإختلاف في الرغبات".
وينبغي أن لا نغفل من ضرر الإختلاف الذي يحدث بين الأب والأم في البيت من أجل الطفل، فإن ذلك يضعف نفوذهما، ويستثمره الولد لمصلحته فيتمادى في غيه، بل يجب أن يعلم الطفل أن سلطة أبويه هي سلطة واحدة، ولعل أسوأ ما يؤثر في نفس الطفل الخلاف بين الأبوين على مسمع من الأطفال، مما يسبب القلق والاضطراب لدى هؤلاء الصغار، والأدهى من ذلك أن يغرس كل من الأبوين في نفوس الصغار كره الآخر، فتصبح الأسرة و كأنها أحزاب متعارضة متصارعة، وبعض الآباء يزعمون أن التربية تكون بإظهار العنف والقسوة والعبوسة، فيرى الأب مقطب الجبين في منزله و كأنه آلة للإنتقام، فيتجنبه الأولاد ويتوارى كل منهم في زاوية خوفا ورهبة من غضبه، لا احتراما له أو حياء منه، وهذا ما يخالف قوانين التربية، ويحرمه الإسلام .
سلوك الوالدين ومشكلات الطفل النفسية:
قد يكون لسلوك الوالدين أثر كبير في مشكلات الطفل النفسية، التي يتعرض لها الطفل، وقد وقد بتجه سلوك الولدين أحد الإتجاهات:
- التسلط : وهذا يعني زيادة سيطرة الوالدين على الطفل والتدخل في كل كبيرة أوصغيرة من شؤونه، فينشأ الطفل ضعيف الشخصية ولديه استعداد كبير للإصابة بالمشاكل النفسية .
- الإفراط في الحماية : ويعني ذلك القيام بكل واجبات الطفل، والإستجابة الفورية لكل ما يريد، فينشأ ضعيف الثقة في نفسه.
- النبذ والإهمال: وفيه يهمل الطفل ويترك دون إثابة أو تشجيع في حالة النجاح، أو دون عقاب أو تهديد في حالة الفشل أو العصيان.
- التدليل: وفيه يتراخى في معاملة الطفل وتربيته، ويستجاب لكل ما يريد، فينشأ الطفل على عدم المبالاة .
- القسوة: وفيه يستخدم الآباء أساليب العقاب البدني والنفسي بغلطة وقسوة، فينشأ الطفل خائفا، معقدا، دائم التردد.
- التذبذب أو الإضطراب: فالعمل الذي يثاب عليه الطفل من الممكن أن يعاقب عليه، وهنا ينشأ الطفل شديد التناقض، دائم القلق، لا يستطيع التميز بين الصواب والخطأ .
- التمييز بين الأولاد: وتترتب عليه الغيرة والكراهية، وحب الإنتقام .
وكل هذه الإتجاهات ضارة بشخصية الطفل، ومن الأفضل السير في الإتجاه الذي يمثل الوسطية والاعتدال، الذي نستمده من هدي الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأفضل التسليم في قولته الخالدة :"من لا يرحم لا يرحم"
فلا شك أن الرحمة إذا دخلت قلب الوالدين فإنها ستفيض على أولادهما فلذات أكبادهما، فينشؤون متراحمين، بعيدين كل البعد عن كل ما يكدر صفاء النفس ونقاء الفؤاد.
أسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق في حياتنا و ان نكون دائما وأبدا ممن دخلت الرحمة قلوبهم.
لمن يريد المزيد من المواضيع التي تنير حياتنا التربوية واليومية إليكم كتاب :" كيف تربي أبنائك في هذا الزمان" للكاتب: الدكتور حسان شمسي باشا
0 تعليقات:
أضف تعليق