{

فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ...

  • الرئيسة
  • فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ...
فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ...

  • مشاركة المقال :

فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ...

لطالما حيرتني آية من القرآن الكريم في معناها،

 

وهي بالتحديد قوله تعالى:﴿مَن كَانَ يَظُنُّ أن لَّنْ يَّنصُرَهُ اللهُ فيِ الدُّنْيَا وَالاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ اِلىَ السَّمَآءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ, مَا يَغِيظُ﴾   الحج 15 .

 

أيُّ أسبابٍ هذه التي تُمد ويجوز فيها التمدد؟؟

والأغرب من هذا مدّها نحو السماء؟!!!

 

ظللت زماناً أمرّ بها مرّ الكرام ولكن حينما عرفتُ أنّ الأسباب هنا معناها " الْحِبَالُ " أحسست بشعور غريب ينتابني ..

 

وإذا بها كلمة حَبْلى بالمعاني... وإذا بأعظم آية في  القرآن الكريم تتداعى إلى ذهني (آية الكرسي)

 

وما بعدها: "﴿لآَ إِكْرَاهَ فيِ الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَّكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُومِنم بِاللهِ فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىا لاَ اَنفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾البقرة 256..

 

إنها العروة الوثقى، إنها العقدة الأمتنالتي لاتنتقض إلا إذا قطعها صاحبها ..

 

يا ترى أي عقدةٍ هذه التي ألمّح لها ولا أصرّح بها.. وإلى ماذا أشير ولا أُقِرُّ؟؟

 

نعم إنها الأسباب التي تربطنا بخالق السماوات السبع ورب العرش العظيم..

 

نعم إنه "الدعاء" إنها حقا الحبال والصلات التي تربطنا بمن يجب أن نكون في اتصال دائم به، وإن الدعاء هو العرى الشديدة التي لا انفصام لها..

 

فإذا مددناها من الأرض إلى السماء جاء المدد الرباني منجزًا وعده ﴿وَقَالَ رَبـُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ, إِنَّ الذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾أذلاء مُطأطئي الرؤوس  ...

 

فكيف كيف نستكبر عن دعاءهومناجاته؟؟؟ ونحن محتاجون إلى الغني الذي لا يحتاج إلينا ولا إلى غيرنا...

 

نعم أصبحت أدرك جيدا كيف أن الرسول محمداً-عليه أفضل الصلاة والتسليم- ظلّ يدعو الله في  غزوة بدر الكبرى بعد استنفاد كل الأسباب الدنيوية المادية وهو الموعود بالنصر﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ﴾حتى أشفق عليه صحابته الكرام..

 

لقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام أنفذ بصيرة من غيره إذ كان يدرك جيداً رباط الأسباب وأساس العقدة وهي مربط الصلة بالله جل وعلا...

 

وايم الله صرت أدرك جيدا لماذا لا يتقبل الله الصلاة إلا ممن تواضع بها لعظمته تعالى -والصلاة من معانيها الدعاء-.

 

فالذين يستنكفون عن عبادة الله - والدعاء مخُّ العبادة - سيدخلون جهنم داخرين..

 

نعم أصبحت أدرك جيداً لماذا وسمها الله بالأسباب وبالعقدة الوثقى التي لا تنقطع. نعم هي الحبال التي نتشبث بها إذا تقطعت بنا السبل، وهو الركن الشديد إذا خاننا من اعتقدنا الثقة فيه يوما وهو المفرّج عنا إذا خنقتنا الكرب. إذن فمالنا نرى أقواما عندما يهمّون بالدعاء إذا هم يشتغلون بأشياء غير الله الذي نناجيه..

 

فيا أحباب قلبي هيا لنتواصى بكثرة الدعاء ونجعلها تأشيرة الوجدان(1) إلى عالم الملكوت لعلَّ الله يرفع عنا البلاء ويُبدلنا بما هو خير في قابل الأيام.

 

ولنستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها" الدعاء" ولْـنَفِرَّ إلى الله﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾لاإلى جهة رسمية أو غير رسمية ولا إلى  رتبة رفيعة تغنينا عن الذي يسمعنا ويجيبنا فهو السميع البصير، والعليم بحالنا فهو السميع العليم، القريب المجيب لمن دعاه وتضرّع له متواضعاً خاشعاً موقنا بإجابة الله له.

 

وكيف لا وهو الذي وعد ووعده الحق. ولكن بدون أن ننسى أنه إذا كان أول ما نمده إلى السماء الإخلاص فإن أول مدد من الله التوفيق.

 

ولله الأمرمن قبلُ ومن بعد. والحمد لله رب العالمين.

 


تأشيرة الوجدان(1) : مصطلح استعمله الأستاذ محمد فتح الله كولن وطلبة الخدمة. يُقصد به الصلة الوثيقة الخالصة بالله جل وعلا في كل ما نأتي أو نَذَرُ.

 

0 تعليقات:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
الحقول المطلوبة محددة *