في عز اليأس يولد الأمل...
إن الله تعالى قد جعلنا مستخلفين في الأرض، و تلك أمانة حملها الله إيانا حتى نكد و نجتهد و نحصد الثمار في الأخير، و لا يتأتى ذلك بالجهل و الركون إلى الراحة و الاتكالية على الغير و عدم اتخاذ أسباب الفلاح و النجاح .
و قد خلق الله تبارك أحسن الخالقين أنواعا من البشر، بشر همهم الوحيد جمع المادة و حب كل ما يتعلق بها، و بشر آخرون أحجموا عن الدنيا و استسلموا للروحانيات و غرقوا في النصوص و سبحوا في المثاليات و الأوهام، و يبكون على أطلال الماضي و يخشون الحاضر و المستقبل كخشية الله.
و هناك بشر " مجانين" سبَّلوا أنفسهم لله و للناس و للزمن، و تصدقوا بأموالهم و أعراضهم و أهليهم و أوقاتهم و سعادتهم و راحتهم و أجسادهم ، لا لشيء إلا لكي يطعموا الناس مما لم يطعموا به أنفسهم و ممن يسامحون الناس رغم الآثام و التهم فيعتقوهم يوم القيامة أمام ملك العدل و القصاص، و تركوا أهلهم لله و اهتموا بالغير و استفرغوا جهدهم في ذلك، يشقون و يتعذبون و يتألمون و يغامرون و يتكبدون العناء... و ترى السعادة و التفاؤل و الابتسامة لا تغادر محياهم أبدا، إذا يبدؤون يومهم بذلك و ينهونه به، و ذلك من أجل أن يهدوا السعادة للآخرين و بعدها لا يهنأ لهم بال و لا راحة و لا يغمض لهم جفن إلا إذا أحسوا سعادة الآخرين و هناءهم، هنالك تحلوا لهم الحياة و تطيب.
و ليس هناك أقرب الناس لهؤلاء "المجانين" نسبا و صهرا من "المعلم" ، الذي رهن حياته بحياة ذلك التلميذ الذي تعهد بتربيته و تنشئته على الأخلاق و القيم و روح العلم ، و يُعِدُّه للحياة و مغامراتها بحلوها و مرها، و يزرع فيه الأمل و التفاؤل و الصلاح و الفلاح ،رغم الأشواك و رغم الصعاليك و رغم الهلاك المحيط به...
أقف وقفة إجلال و إكبار لكل معلم يكابد و يصبر و يحتسب الأجر لله، خاصة في الآونة الأخيرة و الأحداث الملمة بأمتنا، حيث تعطل كل شيء و بقي إلا الاكسجين الذي تعكره أحيانا الـ ق ـ المسيلة للدموع ، و حبل الله المتين الذي نتمسك به، و الخيط الرفيع من الأمل الذي لن يخبو في ضمائرنا مهما بلغت الأمور بإذن الله من أجل الله و من أجل الوطن و من أجل مستقبل أبنائنا.
فأقولها بملء فِيَّ ّ: " أيها المربون في ثغور كل مؤسساتنا التربوية في ربوع ميزاب و الجزائر... أنتم حقا مجاهدون تستحقون أكثر من الأوسمة و الشهادات، صنعتم ملحمة تاريخية في خضم المأساة و سيُدَوِّن تاريخنا أنكم في عزِّ الأزمة توَلِّدُ ون الهمة و تحركون العقول، و حضارتنا تأبى التوقف و الجمود في حين كان هناك من يسعى بكل ما أوتي من قوة و عربدة و شيطنة و مكر و إصرار و عناد من أجل الصراع مع نفسه...
كل ما تقومون به من تضحيات و صبر على النصر و ليس على الهزيمة...هو النصر المبين، و تلك هي الحضارة بعينها، هنالك زلزلنا حتى قلنا "هذا هو نصر الله " و لم نقل "متى نصر الله ؟" .
حقا قلت أخي حسن بارك الله في كلماتك الصادقة الجميلة ، فصعبة جدا تلك الظروف التي نمر بها، لكن كل شيء مادي أتلف سيصلح وكل شيء سيعود إلى ماكان عليه بل وبإذن الله أحسن، فقط الإنسان تلك التركيبة الصعبة وذلك الفكر النابض إذا ضاع ضاع كل شيء ومن الحامي له ؟...طبعا هو المعلم إذن فليس للمعلم أي عذر و أي فضل إن ضاعت الأمانة من بين يديه مهما كانت الأسباب فجبهته ومعركته وحراسته كلها في مجال التربية والتعليم لأنه هو الوحيد الذي لا يمكن أن يركن للوهن وإلا فالنتائج ستكون وخيمة على الأمة وليس فقط على الافراد .
..نعم حقا ان الامل يولد في عز اليأس .. ماشاء الله مقالة رائعة جدا..بارك الله فيك استاذنا