{

الإدارة الصفية الناجحة: النظام الذي نريد (1).

  • الرئيسة
  • الإدارة الصفية الناجحة: النظام الذي نريد (1).
الإدارة الصفية الناجحة: النظام الذي نريد (1).

  • مشاركة المقال :

الإدارة الصفية الناجحة: النظام الذي نريد (1).

إن الشغل الشاغل لكل أستاذ، هو كيف السبيل إلى السيطرة على النظام في قسمه؟

 

فعبارة "أظهر العين الحمراء لمتعلميك من أول يوم تضمن السيطرة عليهم طيلة السنة" هي وصية ذهبية يتناقلها المعلمون من جيل إلى جيل (على الأقل من الجيل الذي بدأت فيه فكرة الأقسام)

 

وهذا من بديهيات التعليم فالقسم الذي تعتريه الفوضى لن يستطيع فيه المعلم ايصال ما لديه للمتعلمين.

 

لكن نقص بلورة مفهوم "حفظ النظام" وجَعْلِه يتماشى مع المقاربات التعليمية الحديثة سبَّب كون الأمر يبدو متناقضا.

 

والتشريعات الحديثة التي تجرّم العقاب البدني زادت الطين بِلة واعتبرها أصحاب المدرسة التقليدية (باعتبار أن العقاب هو السلاح الفتاك الذي بفضله يستتب الأمن) طامة النظام التربوي وسببا في عدم التزام الطلبة بالنظام.

 

وكل المعضلات التي تعاني منها المدرسة اليوم. وبين مؤيد لهذا ومعارض له، علينا قبل كل شيء أن نبلور مفهوما صحيحا "لحفظ النظام" يمتاز بخصائص معينة نستطيع من خلاله أداء رسالتنا التعليمية بما يخدم نمو أبنائنا المتوازن. 

 

إن تَوَفُّرَ جوّ من النظام أثناء الحصة التعليمية عامل أساسي في نجاح العملية التعليمية، لكن ما هو النظام الذي نبحث عنه؟ وكيف ينتج هذا النظام؟ هنا يكمن الفرق بين المدرسة التقليدية والمدرسة الحديثة.

 

 فالمدرسة التقليدية تبحث عن النظام الذي يمكن أن نعبر عنه بالموقف التالي:

(المعلم واقف أمام السبورة وكل المتعلمين مشبكين أيديهم ومنتبهين إليه، وأيُّ صوت أو حركة يمينا أو يسارا يعتبر بمثابة خرق لهذا النظام)

 

ثم يسحب هذا الموقف على كامل اليوم، دون اعتبار للطريقة التي يقدم بها المعلم مادته التعليمية، فالعبء بأكمله ملقى على المتعلم، أي أن المعلم يلعب دور الحارس على النظام والمتعلم متهم حتى تثبت براءته.

 

وبهذا التفكير فالنظام ناتج من خلال القوانين الصارمة التي تكافح السلوكيات اليومية الخارجة عن نطاق "المتعلم الدمية" (حين نلغي كون القسم وحدة اجتماعية، نعتبر المتعلم دمية لا شعور لها)

 

وهذه القوانين تحارب بالدرجة الأولى هذا الشعور غير المعترف به (ولو أنكر أصحابه ذلك) أي أن النظام ينتج من خلال السكون والجمود والطاعة العمياء والإكراه والخوف من المعلم (هنا نفهم سبب انتقاد هؤلاء لمبدأ "تجريم الضرب" !).

 

 

أما المدرسة الحديثة، هي التي تبحث عن النظام الذي يعيد للطالب إنسانيته، ويعترف بأن القسم وحدة اجتماعية، للمتعلم داخلها الحق في التواصل والتفاعل.

 

ويفرض على المعلم أن يكيف من طرق تدريسه بما يوفّق بين حاجات المتعلمين من جهة و حرصه على بلوغ أهدافه التعليمية من جهة أخرى.

 

وبهذا التفكير فالنظام سيكون ثمرة للنشاط والتفاعل، ومن رغبة المتعلمين أنفسهم في أن يتعلموا في كل لحظة شيئا جديدا.

 

 

وإذا رأينا إلى المقاربة التي تعتمدها مناهجنا اليوم فإننا نجد أنها تؤيد هذا التفكير الأخير.

 

حيث أن المقاربة بالكفاءات تعتمد أساسا على تفاعل المتعلم في العملية التعليمية.

 

فليس المتعلم مجرد متلقٍ للمعلومات. لأنها حسب النظريات البنائية فإنها ترى في مجملها أن التعلم يكون مصدره ذاتيا وداخليا من خلال تفاعل المتعلّم مع محيطه الاجتماعي.

 

 

وبناء على كل هذا فنحن اليوم أيها المعلمون مطالبون بالبحث عن نظام منشؤه النشاط والتفاعل الحاصل بين المتعلمين أنفسهم وبينهم وبين المعلم.

 

والرغبة الذاتية للمتعلمين في الاستفادة القصوى من كل فرصة تتاح لهم للتعلم والاستزادة.

 

4 تعليقات:

  1. نورالدين بن عبدالله اسبع

    يعطيك الصحة الأخ طه دادة فهي نصائح في الصميم على كل أستاد العمل بها ان أراد التفوق باذن الله في مسيرته التعليمية فكم نحن محتاجون الى من ينير طريقنا بمثل هذه الأفكار فرب كلمة أنارت أمة بأكملها جزاك الله خيرا أخي طه و سدد خطاك

    محمد قاسم

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، جزاك الله عنا كل خير أخي طه على إثارة هذا الموضوع المقيم المقعد في مجال التربية والتعليم، وإني أشاطرك الرأي في أن مربط الفرس الأساس الذي يُمكّن من سواد النظام في القاعة الصفية هو النشاط والتفاعل الحاصل بين المتعلمين أنفسهم وبينهم وبين المعلم. ومادام هذا هو عين الإشكال فوجب علينا جميعا نحن كأسرة تعليمية وتربوية العمل على تنمية أسباب هذا التفاعل والتواصل بين بعضنا البعض، وبيننا وبين أبنائنا المتعلمين، لأن هذا ما لم ننشّأ عليه في المنظومات التربوية السابقة التي اعتمدت أسلوب التفكيك لا التجميع والله يعلم.

    إبراهيم بن سليمان الحاج موسى

    بوركت أخي طه حقيقة أفكار نيرة نابعة من القلب، على كل معلم يريد النجاح في مهمته النبيلة أن يبحث عن أفكار إيجابية كهذه و في نفس الوقت عليه أن يتجنب الأشخاص السلبيين والمتذمرين والمملين والمتشائمين. لأن ما يقولوه عنا إذا تجنبناهم يعتبر أقل ضرراً مما يمكن أن يسببوه لنا لو لم نتجنبهم.. الملل والتذمر والتشاؤم والسلبية أمراض معدية كالكوليرا علينا أن نتجنب من أصيب بهم لأن مهمتنا النبيلة تحتم علينا ذلك .

    ابن صالح إبراهيم بن محمّد

    بارك الله فيك أخي طه على هذا الموضوع الذي يحتاجه كلّ أستاذ في عمله، من أجل سيرورة الدّروس وفق طريقة ممتعة ومثمرة في آن واحد دون شعور أيّ طرف بالتذمّر او الملل من الحصّة الصفيّة، نسأل الله أن يجعلنا من المطبّقين والعاملين بما قرأناه واستفدنا منه إن شاء الله.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
الحقول المطلوبة محددة *