{

أندونسيا ...كما رأيتها--2

أندونسيا ...كما رأيتها--2

  • مشاركة المقال :

أندونسيا ...كما رأيتها--2

المحطة الثانية: جوك جاكرتا....مدينة العلم و الصناعة.

 

قال تعالى: "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه". هذه الآية أحسستها عند دخولنا إلى مدينة جوك جاكرتا بعد الضيق الذي أصابني في جزيرة بالي، بسبب الانحلال لكن الله أبدلنا ما هو خير، مدينة ينشرح فيها الصدر لالتزام أهلها فكانت لدينا فيها وقفات.

 

الوقفة الأولى: حضينا بأداء مناسك عيد الأضحى المبارك خارج الديار بعيدا عن الأهل والأحبة عزاؤنا في هذا أن الله مَنَّ علينا لنرى آية من آيات الله، "ومن آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" فرأينا أخوة الإسلام تلك الابتسامة لا تفارق شفاه كل من يسلِّم علينا ولسان حاله يقول مرحبا بكم في مدينتكم وبين أهلكم، دخلنا المسجد فيشنف سمعك تكبيرات العيد بصوت شجي تخشع لها القلوب، فسبحان الذي علم الإنسان مالم يعلم. بعدها بدأت خطبة العيد فكانت بدايتها باللغة العربية فانتقل الخطيب من اللغة العربية إلى اللغة الإندونيسية، وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه.

 

الوقفة الثانية: توجهنا بعد صلاة العيد إلى قصر السلطان لنحضر الاستعراض الذي يقوم به في المناسبات الدينية –عيد الفطر، عيد الأضحى، المولد النبوي الشريف -تقريبا للناس لهذا الدين، ويُعد هذا اجتهادا وتفننا في تحبيب الدين لأمة الدعوة، والاستعراض يشمل فيالق الجيش الذي كانت في أندونسيا منذ عصور إلى العصر الحديث، بعدها توزع الصدقات للفقراء والمساكين الذين جاؤوا من كل حدب وصوب، كل هذا للترغيب في الاسلام وتحبيبه لهذه الفئة من الناس.

 

الوقفة الثالثة: فبينما نحن راجعون من قصر السلطان رأينا منظرا يثلج الصدر، التدريب على مناسك الحج في ساحة شاسعة نُصبت كعبة في وسطها ومقام إبراهيم يطوفون وهم ملبون لبيك اللهم لبيك. فاللهم بلغ كل قلب معلق بزيارة بيتك الحرام آمين.

 

الوقفة الرابعة: مررنا في شوارع جوك جاكرتا في كل مرة ينبهنا المرشد أن هذه الجامعة في تخصص الطب وهذه في تخصص الهندسة إلى غير ذلك من التخصصات فهذه المدينة ما بين جامعة وجامعة "جامعة" لحبهم للعلم والاجتهاد، فقد زرنا جامعة من أرقى وأعرق الجامعات وهي "U.G.M "تحوي جميع التخصصات تأسست يوم 19 ديسمبر 1959 فيها ما يقارب الـ5000 أستاذ و الـ55 ألف طالب، فقد تجولنا في أرجائها بالحافلة لشساعتها ومدينة جوك جاكرتا هي قبلة طلبة العلم في جميع أنحاء أندونسيا وحتى خارج أندونسيا مثل أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية في بعض التخصصات المهمة، فهل جامعات جزائرنا الحبيبة تهوي الأفئدة إليها كما هو الحال في جامعات جوك جاكرتا؟

 

الوقفة الخامسة: كان من بين زيارتنا غرفة التجارة لمدينة جوك جاكرتا فقد استقبلنا رئيسها رغم أن لديه موعدا في الوزارة لاستقبال بعض السفراء، لكن أبى إلا أن يستقبلنا لأن موعدنا كان الأسبق، فهذا ملحظ مهم في الحفاظ على المواعيد. عرض علينا شريطا يحوي أهم ما تمتاز به المدينة من صناعات، إذ تعد مدينة صناعية بالدرجة الأولى في أندونسيا مع العلم أن السوق الأندونسية محتاج إلى المستثمرين الأجانب في شتى المجالات. بعدها توجهنا إلى مصنع لتصنيع الأجهزة والمعدات الصحية، وهي صناعة أندونسية مائة في المائة وبعد شرح مستفيض حول هذا المصنع ولجنا داخله لنحتك بالعاملين فياله من إتقان وهدوء في العمل، وتصدر هذه المعدات لأكثر من 40 دولة في العالم

 

يدمي القلب عندما نرى مثل هذه التجارب الرائدة في العالم ونرى أمنا الحبيبة الجزائر تئن من آلام التخلف، أبسبب الجهل أم نقص الموارد أم الطاقات البشرية!؟؟؟ لا أظن، بل نحتاج إلى إرادة قوية لتغيير واقعنا بداية من مدارسنا وجامعاتنا لأنها المشتلة التي تزرع التفاؤل والتحدي، فعلينا الاستثمار في الانسان لأنه هو الذي يصنع الفارق وأهم استثمار هو التعليم فما تقدمت دولة إلا بالعلم، من أردا الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معا فعليه بالعلم

 

فاللهم يا رب أبرم لأمنا الجزائر أمرا رشدا.

0 تعليقات:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
الحقول المطلوبة محددة *